قصة الكلب محروم
تقابل كلبان يومًا فقال أحدهما للآخر : مرحبًا بك يا صديقي ، ما إسمك .
فرد عليه الآخر : أنا الكلب مأمون ، وقد جئت لأبحث عن عمل لدى أحد الرعاة في هذه القرية .
من أي مكان أنت ؟
أنا من القرية المجاورة وقد كنت أعمل عند أحد الرعاة الطيبين .
وماذا حدث ؟
لقد مات الراعي وترك القطيع لأولاده الذين يعملون بالتجارة ، فلما مات أبوهم باعوا الأغنام جميعًا واستغنوا عني.
وما عنك أنت ؟
أنا مثلك جئت أبحث عن عمل لدى أحد الرعاة أو صاحب منزل .
وبينما هما يتحدثان مرّ بهما قط صغير ، فلما رأى الكلبين جرى وخاف فناداه الكلب مأمون: لا تخف أيها القط فنحن كلبان غريبان جئنا إلى قريتكم كي نبحث عن عمل فهل لك أن تساعدنا ؟ إقترب القط في حذر ولما لم يرى منهما أي نية للشر وقف مطمئنّا وقال: سوف أدلكما على مكان الرعاة هيا إتبعاني ..
سار القط وسار وراءه الكلبان وأخذوا جميعًا يتحدثون ، قال القط : إن هذه القرية قريبة جدّا من الجبل .
وماذا في ذلك ؟
الجبل مليء بالذئاب وهم كثيرًا ما يهاجمون قطعان الأغنام .
قال الكلب مأمون:فهمت تعني أن حراسة الأغنام في هذه القرية عملية شاقة .
نعم
وصل الكلبان في صحبة القط إلى حيث يعيش الرعاة ، فتقدم الكلبان من الرعاة وأخبراهم عن رغبتهما في العمل .. قال الراعي كرمان للكلب مأمون : موافق على أن تعمل عندي وترعى أغنامي .
وقال الراعي سعفان للكلب محروم : موافق أن تعمل معي .
صاح الكلبان : وما أجرانا ؟
أجاب الراعيان : كل يوم عظمة في الصباح وأخرى في المساء. وبدأ العمل ، فاجتهد الكلب مأمون في الحراسة وصار يطارد الذئاب كلما همت بالإقتراب من قطيع الأغنام الذي يحرسه ، أما الكلب محروم فكان له رأي آخر ، إذ أخذ الكلب يفكر ويقول : عظمة في الصباح وعظمة في المساء لا تكفي ، ثم أين الماء البارد والخروج للنزهة والنوم المريح ، لا توجد طريقة إلا التفاهم مع الذئاب .
وفي أول فرصة رأى محروم أحد الذئاب يتسلل إلى القطيع فجرى نحوه .أسرع الذئب بالهرب ولكن الكلب محروم جرى ورائه وناداه : لا تخف أيها الذئب وقف مكانك لنتفاهم .
لا تخدعني أيها الكلب .
إني حقّا لا أخدعك وأريد أن نتكلم في أمر هام .
ما هو ؟
ذكر الكلب محروم للذئب قصة إتفاقه مع الراعي .
قال الذئب : هناك إقتراح .
ما هو ؟
تغمض عينيك من وقت إلى آخر حتى تستطيع الذئاب إلتهام بعض الغنم.
وماذا أستفيد من ذلك ؟
سوف نعطيك عظامها .
وماذا أيضا ؟
وعظام الأغنام التي نفترسها من القطعان الأخرى، سال لعاب الكلب وقال لنفسه: قليل من سعة الأفق تجعلك غنيّا عندك ما يكفيك ويزيد.
وبعد فترة من الزمن تقابل الكلبان مأمون ومحروم، فقال الكلب محروم لصديقه: ما لي أراك هزيلاً مرهقاً ؟
إن الحراسة في هذه القرية شاقة وأحاول القيام بواجبي على خير وجه ، بالمناسبة أراك قد زاد وزنك وظهرت عليك علامات النعمة .
بقليل من سعة الآفاق تحصل سعة في الرزق.
كيف؟
حكى الكلب محروم لصديقه قصة إتفاقه مع الذئاب وكيف عاد عليه ذلك بالخير الوفير.
ولكن هذه خيانة !
هكذا يفكر السذج من أمثالك ، والآن اسألك ما فعلت بك أمانتك إلا الشقاء والتعب .
يا صديقي الأمانة تاج على رأس صاحبه.
ولكنها لا تشبع من جوع ولا تروي من عطش.
هكذا يفكر السذج الحقيقيين مثلك ، إن الخيانة قد توسع الرزق وتجلب الترف على المدى القصير أما بعد مرور الزمن …
قاطعه الكلب محروم قائلاً: الواقع يشهد أن طريقتي أكثر سعادة من طريقتك، ولننظر إلى صفحة الماء ليرى كل منا صورته ليعلم من منا أكثر سعادة.
ذهب الكلبان إلى بحيرة الماء وظهرت صورة الكلب محروم منتفخًا ، فضحك وقال لصديقه الكلب مأمون : الصورة أحسن من الكلام .. إلى اللقاء يا صديقي.
وتقابل الراعيان يومًا ، فقال الراعي سعفان لجاره الراعي كرمان : كيف الحال عندك في قطيع الأغنام ؟
القطيع بخير والحمد الله والكلب مأمون يقوم بواجبه على خير وجه ، وسوف أزيد له أجره لتكون ثلاث عظمات ثم أربع عظمات في اليوم في الشهر القادم إن شاء الله .
فرد عليه سعفان وهو حزين : أما أنا الذئاب تصل إلى قطيعي من وقت إلى آخر ، والعجيب أني أجد طعامًا وافرًا عند الكلب محروم ولا أدري ما السبب ، سوف أراقبه وأرى ما يفعل ..
ومن يومها أخذ الراعي سعفان يراقب تصرفات الكلب محروم حتى تأكد من خيانته ، فقرر الراعي سعفان طرد الكلب محروم من عمله ، وبعد أن طرده أخذ يحذر كل الرعاة من محروم قائلاً : إحذروا هذا الكلب الخائن .. لم يجد الكلب حوله طعامًا يأكله ، فذهب إلى الذئاب فطردوه شر طردة ، وقالوا : ليس لنا بك حاجة بعد أن تركت العمل عند الراعي سعفان .
زادت ثقة الراعي كرمان في حراسة الكلب مأمون وزاد له في الطعام،وظهرت علامات النعمة على مأمون ، بينما ضعف الكلب محروم الذي صار منبوذا من الرعاة … وبينما كان الكلب مأمون يسير يومًا في الطريق في صحبة القطيع وهو سعيد شبعان ، وجد الكلب محروم يجلس هزيلا على جانب الطريق فقال له : يا كلب محروم هل علمت ما السذاجة ؟
نعم الخيانة هي السذاجة.
***
المؤلف/عبدالله محمد عبد المنعم