قصة المثل خذوا الحكمة من أفواه المجانين
يحكى أنه في قديم الزمان ،كان هناك رجلًا ثريًا توفي في بلد بعيد عن مسقط رأسه ،وحين وصل خبر وفاته إلى أولاده ،حدد ابنه الأكبر يومًا لأخذ العزاء.لكن إخوته طالبوا بالميراث ،وعندما طالبه اخوته بالميراث ،قال الأخ الأكبر انتظروا حتى ننتهي من مراسم العزاء ،وبعدها لكم ما أردتم ،ولكنهم رفضوا بشدة ،وقالوا له بإصرار بل نقسم التركة اليوم ،فرفض هو الآخر مطلبهم وقال لهم : إنها ستكون عار على عائلتنا فماذا سيقول الناس عنا ،إذا رأونا نقسم التركة قبل انتهاء العزاء.لكن الأخوة توجهوا إلى قاضي البلدة فورًا ،يشكون من أخاهم الأكبر ، فأرسل له القاضي أمرًا بالحضور أمامه ،فأخذ الأخ الأكبر يفكر كثيرًا فيما عليه أن يفعل ،وأخيرًا اهتدى الأخ الأكبر إلى الذهاب لأحد حكماء البلدة ،ليستشيره وكان معروف عنه أنه صاحب حكمة و رأي صائب ،فقص الأخ الأكبر على حكيم البلدة موضوع الخلاف بينه وبين أخوته على الورث ،وقال له انظر لي مخرجًا من تلك المشكلة .
فرد عليه حكيم البلدة قائلًا : اذهب واسرد قصتك على شخص سأذلك عليه وعلى مكانه فلن يفتيك ولن يعطيك الحل غيره ،وكان معروف عن الرجل أنه مجنون ،فقال الأخ الأكبر : كيف أذهب إليه إنه مجنون ،كيف يعطي حلاً في خلاف عجز عن حله العقلاء.
فرد عليه الحكيم قائلًا : اذهب إليه إن عنده حل مشكلتك ولن تندم.
وبالفعل ذهب الأخ الأكبر إلى الرجل الذي نصحه الحكيم بالذهاب إليه ،وسرد عليه قصته مع إخوته وخلافه معهم الذي وصل إلى الاحتكام للقضاء ،فقال له الرجل اذهب لإخوتك وقل لهم هل عندكم من يشهد بأن أبي قد مات ؟ ، فقال الأخ الأكبر للرجل : أصبت والله ! كيف لم أفكر في هذا الأمر.
أخد الأخ الأكبر بنصيحته وذهب إلى المحكمة ،وقال للقاضي ما قاله ذلك الرجل المجنون ،أنه من قال أن أباه توفي وهل هناك دليل علي موته ؟
فقال له : إنك محق ،ثم التفت إلى الإخوة أصحاب النزاع وقال لهم : هل عندكم شهود على وفاة أبيكم ؟
فقالوا له : إن أبانا توفي في بلد بعيد ،وجاء الخبر ولا يوجد شاهد على ذلك .
فقال لهم القاضي : آتو بالشهود ،وظلت القضية معلقة بالمحكمة لمدة سنة ونصف ،وقال لهم أخوهم الأكبر لو كنتم صبرتم أسبوعًا واحدًا كان خيرًا لكم.
وأصبح قول “خذوا الحكمة من أفواه المجانين ” مثلًا يتناقله الأجيال حتى اليوم .