قصص اطفال

قصة المرأة المظلومة والمأمون

في يوم من الأيام كان الخليفة المأمون يجلس كعادته ينظر في قضايا الناس ليحكم بينهم بالعدل وينصف المظلومين، وقد اشتهر بعدله واحسانه وتقواه .وكان قد حدد يوماً للنظر في شكوى المظلومين منذ الصباح إلى قبيل الظهر، وقد عرف الناس هذا الأمر فكان من يقع عليه ظلم ولا يستطيع أن يأخذ حقه من ظالمه يأتي إلى الخليفة ويقدم شكواه .
وذات يوم بينما كان الخليفة جالساً للنظر في المظالم إذا به يسمع أذان الظهر فنهض إلى الصلاة في المسجد، فقابل في طريقة امرأة ترتدي ملابس رثة وقديمة ،وقالت أبياتاً من الشعر تمدح الخليفة وتتحدث عن عدله.ثم أخبرته أنها أرملة مات زوجها وأولادها وهي عجوز ضعيفة لا تمتلك القوة للعمل وليس لديها إلا أرضً صغيرة تقتات منها ولكن استولى رجل قوي على حقها في هذه الأرض ولم تتمكن من ردعه فأصبحت بلا مورد ولا مصدر للدخل .
أطرق الخليفة مفكراً قليلاً ثم رفع رأسه وقال للمرأة شعراً يرد عليها ، أخبرها من خلاله أنه تأثر بكلامها كثيراً ولكنه ذاهب الأن لصلاة الظهر ووعدها أن ينظر في شكواها في الجلسة القادمة .
وطلب منها أن تحضر معها ذلك الرجل الظالم الذي استولى علي حقها حتى يسمع منه هو الآخر، وسوف ينصفها بإذن الله إن كان معها الحق ويرد لها حقها.فانصرفت المرأة وحضرت في اليوم الموعود وحضر الخليفة المأمون إلى مجلسه كعادته للنظر في المظالم وحوله العلماء وكبار رجال الدولة وقاضي القضاة.فدخلت المرأة على الخليفة، فسألها المأمون عن خصمها .فأجابت : هو الواقف بجانبك، ابنك العباس .
نظر الخليفة مندهشاً إلى ابنه العباس ابن أمير المؤمنين ثم التفت إلى المرأة وصمت للحظات، ثم طلب من قاضي القضاة أن ينظر هو في هذه القضية وذلك لأن أحد اطرافها هو ابنه العباس ولا يمكن له أن ينظر فيها .فاستمع القاضي إلى المرأة وإلى العباس ابن الخليفة المأمون في حضرة المأمون نفسه .بدأت المرأة تتحدث وصوتها يعلو وهي تصيح في وجه العباس وهو ساكت لا يرد عليها، فتوجّه أحد الحجّاب إلى المرأة وزجرها ، ونبّهها بأنها في حضرة الخليفة المأمون فنهاه المأمون عن ذلك وأمره بترك الحرية لها قائلاً : دعها فإن الحق أنطقها ، والباطل أخرسه .
وهكذا رد المأمون الحق إلى المرأة التي خرجت من عنده وهي تثني على عدل المأمون وعلى إنصافه لها وللحق، حتى ولو كان على حساب ابنه تنفيذاً لأوامر الله وأحكامه عز وجل .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button