قصة حرب البسوس – نزاع قديم ومعركة الثأر
تعرف على تفاصيل قصة حرب البسوس، وكيف اندلعت هذه المعركة القديمة وثأر العرب في أيام الجاهلية.
كان ياما كان في قديم الزمان يروى أنه كان حرب تدعى حرب الأربعون عام. حرب اشعلتها ناقة البسوس التي قتلت غدرا وظلما ،وقعت أحدث هذه الحرب سنة 534 م أي قبل مجيء الإسلام في زمن جاهلية العرب.اشتعلت حرب البسوس بسبب قتل الجساس بن مرة الشيباني البكري لكليب بن ربيعة التغلبي الذي ثأر لناقة خالته البسوس بنت منقذ .ترجع تسمية الحرب بحرب البسوس نسبة إلى صاحبة الناقة التي سبب مقتلها تلك الحرب ،و تدعى البسوس ،وهي خالة الجساس بن مرة ،قاتل ملك قبيلة تغلب.
كان كليب بن ربيعة ملك العرب في تلك الفترة ،و هو ملك قبيلة تغلب ،من الشخصيات المميزة والقوية بين القبائل ،لكنه كان غير عادل في حكمه ،و كانت قبيلة بكر تعيش تحت رحمة قبائل تغلب ،والتي كانت تتحكم بكل شيء حتى المراعي والماء ،و كان كليب لا يسمح باستضافة أحد دون الرجوع إليه و أخذ موافقته على ذلك.
ذلك كان الاستبداد الذي تعرض له بنو بكر من قبل أبناء عمومتهم من بني تغلب ،السبب الخفي لقيام الحرب التي فجرها قتل الناقة.
بدأت الحرب عندما قتل كليب الناقة المرافقة لزيارة البسوس لابن أختها جساس بن مرة ،حيث استاء كليب من استضافة جساس لخالته دون الرجوع ،وكان مع البسوس جار لها اسمه سعد بن شمس الجرمي القضاعي وكانت له ناقة تسمى: “سراب” فمرت إبل لكليب بسراب وهي معقولة فلما رأت الناقة الإبل نازعت عقالها حتى قطعته وتبعت الإبل واختلطت الإبل فلما رآها كليب بين الإبل أنكرها فرماها بسهم في ضرعها وقتلها ،فنفرت وهي ترغو حتى سقطت ،فلما رآها الجرمي أخبر البسوس فصاحت ” واذلاه ! واجاراه !” وأنشدت:
لعمري لو أصبحت في دار منقذٍ *** لما ضيم سعد وهو جار لأبياتي ولكنني أصبحت في دار غربةٍ *** متى يعد فيها الذئب يعد على شاتي فيا سعد لا تغرر بنفسك وارتحل *** فإنك في قومٍ عن الجار أموات ودونك أذوادي فخذها وإنني *** لراحلة لا تغدروا ببنياتي
غضبت البسوس بسبب مقتل ناقتها ،و اعتبرت فعل كليب إهانة لكرامتها و كرامة قبيلتها ،فطلبت من ابن أختها جساس أن يثأر لمقتل ناقتها…
فقام جساس بقتل كليب بن ربيعة برمية من رمحه ،بعد حدوث مشادة كلامية بين الاثنين اشتعلت الحرب بين القبيلتين بسبب مقتل كليب ،و اقترح مرة بن ذهل أن يسلم ولده الجساس لقبيلة تغلب حقناً للدماء ،لكن قبيلة تغلب رفضت اقتراحه بسبب تعنتها ،فقامت قبيلة تغلب بالثأر لمقتل ملكها كليب.قامت الحرب بين القبيلتين بقيادة المهلهل بن ربيعة ” الزير سالم” انتقاماً لقتل أخيه الملك.
حيث ارتحل بنو شيبان حتى نزلوا عند ماء يقال له : النهى ،فتشمر لهم المهلهل واعتزل الخمر والنساء وجمع إليه قومه من تغلب وأرسلوا رجالا إلى مرة بن ذهل الشيباني والد جساس فقالوا له: “إنكم أتيتم عظيما بقتلكم كليبا بناب من الإبل، فقطعتم الرحم ،وانتهكتم الحرمة ،وإنا كرهنا العجلة عليكم دون الإعذار إليكم ،ونحن نعرض عليكم خلالا أربع لكم فيها مخرج ،ولنا مقنع” فقال: “وما هي؟”فقالوا: “تحي لنا كليبا ،أو تدفع إلينا جساسا قاتله فنقتله به ،أو هماما فإنه كفء له ،أو تمكننا من نفسك فإن فيك وفاء من دمه ؟
فقال لهم : ” أما إحيائي كليبا فهذا ما لا يكون؟ وأما جساس فإنه غلام طعن طعنة على عجل ثم ركب فرسه فلا أدري أي البلاد احتوى عليه ،وأما همام فإنه أبو عشرة وأخو عشرة وعم عشرة كلهم فرسان قومهم ،فلن يسلموه لي فأدفعه إليكم يقتل بجريرة غيره ،أما أنا فهل هو إلا أن تجول الخيل جولة غدا فأكون أول قتيل بينها ،فما أتعجل من الموت؟ ولكن لكم عندي خصلتان : أما إحداهما ،فهؤلاء بني الباقون فعلقوا في عنق أيهم شئتم نسعى فانطلقوا به إلى رحالكم واذبحوه ذبح الجزور ،وإلا فألف ناقة سوداء المقل أقيم لكم بها كفيلا من بني وائل” فغضبوا منه وقالوا : “لقد أسأت ، ترسل لنا ولدك وتسومنا اللبن من دم كليب.فلحقت الجليلة بنت مرة الشيبانية بأهلها ودعت تغلب قبائل النمر بن قاسط وغفيلة بن قاسط فانضموا لها وأما بنو شيبان فاعتزلت عنهم قبائل بكر بن وائل وكرهوا مساعدتهم وأعظموا قتل جساس كليبا بناقة فارتحلت عنهم بنو عجل وكفت عن نصرتهم بنو يشكر وانقبض الحارث بن عباد سيد بني قيس بن ثعلبة في بيته.
يوم النهى *وهو عند الماء التي نزل عليها بنو شيبان بعد ارتحالهم عن جوار بني جشم من تغلب. وكان سيد تغلب عدي بن ربيعة التغلبي ،الملقب الزير أبو ليلى المهلهل ،وسيد بني شيبان الحارث بن مرة الشيباني ،فانتصرت تغلب وكثر القتلى من بني شيبان غير أنه لم يقتل من بني تغلب أحد.وفيه التقوا زبيد فتكافؤا ولم ينتصر أحدهم على الآخر.وفي يوم الذنائب انضمت بنو ذهل بن ثعلبة من بكر بن وائل لبني شيبان بن ثعلبة وناصروهم وانضمت لبني شيبان أيضا ،بنو تيم اللات بن ثعلبة وبنو قيس بن ثعلبة ،وكان هذا اليوم من أعظم أيامهم وفيه انتصرت تغلب على بني شيبان وحلفائهم من بكر بن وائل وقتلت منهم اليوموفي يوم واردات وهو اليوم الذي فيه التقوا بواردات فانتصرت تغلب وكثر القتلى من بني شيبان وأحلافهم من بكر بن وائل.أما يوم عويرضات وفيه انتصرت تغلب .ويوم القصيبات ويقال له : يوم بطن السرو وفيه انتصرت تغلب وفي هذا اليوم قتل همام بن مرة بن ذهل الشيباني البكري قتله عدي ابن ربيعة وكان صديقه.
وفي يوم تحلاق اللمم * يقال له : يوم قضة ويوم الفصيل و يوم الثنية ،على الرغم من أن معظم قبائل بكر بن وائل امتنعت عن نصرة بني شيبان في الحرب وعظمت قتل جساس لكليب في ناقة إلا أن المهلهل عدي بن ربيعة سيد تغلب أسرف بعد وقائعه السابقة في بني شيبان فأوقع بقبائل من بكر بن وائل كانت قد اعتزلت الحرب.
انتهت حرب البسوس بفوز قبيلة تغلب على قبيلة بكر ،قتل المهلهل “الزير سالم” الجساس بن مرة ثأراً لأخيه كليب بن ربيعة.بعد أربعون عاما من اشتعال الحرب كان حجم الخسائر البشرية كبيراً بين القبيلتين.
إخترنا لك قصص أطفال في القرآن قصة لقمان الحكيم