قصص اطفال

قصة قناع الموت الأحمر

في يوم من الأيام ، انتشر وباء الموت الأحمر في أرجاء البلاد ، وكان مرضًا مروعًا لا مثيل له ، ومن مظاهر هذا الوباء الآلام المبرحة والدوار المفاجئ ، وتدفق الدم على الجلد مع هبوط مستمر يصل إلى درجة الانهيار ، فإذا ما انتشرت البقع القرمزية على جسم المريض ، فر منه الناس كما يفرون من الأجرب  ويقضي هذا الوباء على الإنسان في خلال نصف ساعة على الأكثر .
حين رأى الأمير سليم أن نصف شعبه قد تم القضاء عليه بواسطة الوباء ، استدعى جميع أصدقائه وخدمه حتى المهرجين والموسيقيين ، وربات الحسن والجمال كما اصطحبوا معهم أنواع من المشروبات الفاخرة ، وكل شيء يجعلهم يعيشوا برفاهية داخل القلعة .
واتجهوا جميعًا إلى أحد الأديرة والذي يشبه في تكوينه الحصون ، وقد جعل حوله حصارًا شديدًا ، وكان هذا الدير من تصميم الأمير نفسه بأسوار عالية حصينة ، وحين دخل الأمير وحاشيته ، وضعوا المتاريس الحديدية لمنع أي شخص من الاقتراب .
وظل الأمير وحاشيته داخل الدير خمسة أشهر ، بينما كان الموت الأحمر يحصد في رعاياه ، وقرر عمل حفلًا بهيجًا ليلهو مع أصدقائه ، وقرر أن يكون هذا الحفل تنكري ويرتدي فيه الجميع الأقنعة .
وكان تصميم الدير الذي يقيم به الأمير سليم يختلف اختلافًا كليًا عن باقي القصور في ذلك العصر ، فكان الأمير قد صممه بما يتناسب مع طبعه الغريب ، فكان الدير يتكون من سبعة غرف لكل منها لون مختلف عن الآخرى ، وتطل على مشهد مختلف .
فكانت الغرفة الأولى زرقاء اللون ، والثانية وردية والثالثة خضراء والرابعة برتقالية والخامسة بيضاء والسادسة بنفسجية ، أما السابعة فكانت تتشح بالسواد ، وكان لون زجاج نوافذها أحمر قاني بلون الدم ، وكان بها ساعة ضخمة من الأبنوس ، حين يتم عقربها دورته تصدر صوتًا موسيقيًا عاليًا وعميقًا ، يجعل العازفين يتوقفون عن العزف .
اختار الأمير لأصدقائه جميع الأزياء التنكرية بنفسه ، وكانت جميعًا تسطع بالبريق متعددة الألوان ، ومنها ما كان غريبًا وما يشبه ألبسة المهابيل ، وكان الجميع يشربون ويرقصون ، وعند دقات الساعة يتوقفون لبرهة ليعاودوا المرح من جديد بعد أن تتلاشى أصواتها ، وعندما دقت الساعة الثانية عشرة ، لاحظ الجميع وجود مقنع بينهم بهيئة غريبة ، وكان مظهر ذلك المقنع أكثر رعبًا من كل المظاهر التي وضعها الأمير بالحفلة ، وقد أفزع مظهره الموجودون بالحفل .
فقد كان طويل القامة هزيلًا ، يرتدي زيا يوحي بالوقار ولكنه ملطخ بالدماء ، أما القناع الذي أخفى به وجهه فيشبه ملامح الميت المتشنج العضلات ، حين رآه الجميع تذكروا جميعًا الموت الأحمر ، وحين رأى الأمير ذلك المقنع أصابه الفزع ، ولكنه صاح في الحاشية ، من هذا الذي تجرأ واقتحم حفلي ، أمسكوه وانزعوا القناع عن وجهه .
وكان الأمير يقف بالغرفة الزرقاء لكن صداها قد دوى بجميع الغرف السبعة ، لم يكترث الدخيل لتلك الصرخات وسار بخطى واثقة حتى وصل إلى الغرفة السوداء ، ووقف بجوار الساعة الأبنوسية ، غضب الأمير وتبعه حتى الغرفة ، وهناك حاول طعن الدخيل بخنجره ، لكنه حين رآه سقط على الأرض ميتًا .
حين رأى الجميع مصرع أميرهم اتجهوا للدخيل ونزعوا قناعه ، فرأوا أن وجهه ميتًا يشبه القناع ، وملابسه ما هي إلا كفنا ، وهناك عرفوا أنهم أمام الموت الأحمر بنفسه ، والذي حصد أرواحهم جميعًا ، ثم توقفت دقات الساعة مع أخر نفس أزهقت .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button