قصة مقابر الأحياء
يحكى أنه كان هناك عادة وهي من العادات الأندلسية القديمة وكان الأهالي يعتقدون أنها من تعاليم الدين الإسلامي وهي استعدادًا لمرحلة الموت الذي لا مفر منه في هذه الحياة .
فقاموا ببناء مقابرهم بأنفسهم وهم على قيد الحياة ، وتقع هذه المقبرة الخاصة بالأحياء في ساحة “النارنج” أو ساحة “برتقال إشبيلية”. والتي تأثر بها أهالي مدينة تستور التونسية وقاموا بحفر وتجهيز المقابر .
تظهر معظم المقابر في تلك المنطقة فارغة ، حيث أن أصحابها لازالوا على قيد الحياة ، فهم تقريبًا الأشخاص الذين انفردوا باختيارهم للمكان الذي سيدفنون به بعد الموت .
وقد تحدث الرجل الستيني رشيد السوسي وهو رئيس جمعية صيانة مدينة تستور عن هذه العادة قائلًا :”إن هذا القبر يذكرني دائمًا بالآخرة ، وبأن أعمل صالحًا من أجل ملاقاة ربي .
أصل هذه العادة تعود إلى حكايات تحدثت عن مدى قهر النساء اللواتي فقدن أزواجهن وأبنائهن عقب سقوط غرناطة ، حيث أن جثث الضحايا ظلت وقتًا طويلًا دون دفن ، ولهذا السبب شعرت النساء بالقهر والحزن يعتصر قلوبهن ، لهذا ظهرت هذه العادة بين الأحياء في تستور التونسية حتى لا تتكرر مأساة هؤلاء النساء ..
بالإضافة إلى أن حفر المقابر في فصل الشتاء قد يتطلب وقتًا طويلًا ؛ وهو ما جعل (القبر الذي لم يُدفن فيه أحد) هو الحل الأمثل . ويقوم عبدالعزيز الهمامي وهو المسئول عن بناء هذه المقابر باستخدام الطراز الأندلسي القديم في إخراج هذه المقابر ، حيث أنه يتفنن في تجميلها بالزخارف المتميزة.
ومن الجدير بالذكر أن السبب وراء تأثر تونس ببلاد الأندلس هي تلك الهجرة التي عُرفت بهجرة الأندلسيين إلى بلاد المغرب العربي حيث المغرب وتونس والجزائر .
وقد تمت هجرة الأندلسيين إلى بلاد المغرب على ثلاث مراحل في القرون الثالث عشر والخامس عشر والسابع عشر ، حيث وصل عدد المهاجرين خلال القرن السابع عشر إلى تونس فقط أكثر من ثمانين ألف مهاجر .
وتعود أصول معظم الموريسكيين إلى مسلمي شمال إفريقيا ،وقد تم تهجيرهم بعد أن استعاد الإسبان السيطرة على السلطة ، حيث أمر ملك إسبانيا *فيليب الثالث * بتهجير كل الموريسكيين الذين لم يعتنقوا المسيحية من البلاد ، وهو ما حدث بالفعل نتيجة لضعف الدولة الإسلامية في ذلك الوقت ، فسكن المورسكيون شمال إفريقيا .
وأقاموا مدينة تستور بولاية باجة في شمال غربي تونس ، لتنتشر فيما بعد عادة بناء المقابر للأحياء من أجل الاستعداد لاستقبال الموت في أي وقت .