قصص اطفال

قصة منظارة الصديقان

قصة منظارة الصديقان – توتي توتي

في يوم من ذات الأيام ،كان هناك رجل يحكي قصة مناظرة حدثت بينه وبين صديقه ،يقول دخلنا إلى أحد المطاعم العربية في لندن قبيل الغروب لتناول العشاء ،كان ذلك عام 2007 ” جلسنا وجاء النادل لأخذ الطلبات ،استأذنت من الضيوف لدقائق ،ثم عدت فسألني صديقي !قال : أين ذهبت يا صديقي لقد تأخرت علينا كثيراً أين كنت ؟قلت : أعتذر ،كنت أصلي.قال مبتسماً : هل ما زلت تُصلي؟ يا أخي أنت قديم جدا !قلت مبتسماً : قديم ! لماذا ؟ وهل أن الله موجود فقط في الدول العربية ؟ألا يوجد الله في لندن ؟قال : دكتور أريد أن أسألك بعض الأسئلة ولكن أرجوك تحملني قليلاً برحابة صدرك المعهودة .قلت : بكل سرور ولكن لدي شرط واحد فقط .قال : تفضل .قلت : بعد أن تنتهي من أسئلتك عليك أن تعترف بالنصر أو الهزيمة ،موافق؟قال : اتفقنا وهذا وعد مني .قلت : لنبدأ المناظرة ،تفضل أولا .قال : منذ متى وأنتَ تصلي؟قلت : تعلمتها منذ أن كنت في السابعة من عمري وأتقنتها وأنا في التاسعة من عمري ولم أفارقها قط ولن أفارقها إن شاء الله تعالى .قال : حسنا ،وماذا لو أنك بعد الوفاة اكتشفت بأنه لا توجد جنة ولا توجد نار ولا عقاب ولا ثواب فماذا ستفعل؟قلت : سأتحملك وأكمل المناظرة معك حسب فرضيتك ولنفرض لا توجد جنة ولا توجد نار ولا يوجد ثواب ولا عقاب لن أفعل أي شيء لأنني أصلاً كما قال علي بن أبي طالب ” رضي الله عنه إلهي ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنتك ولكن عبدتك لأنك أهلٌ للعبادة”.قال : وصلاتك التي واضبت عليها لعشرات السنين وستجد أن من صلى ومن لم يصلِ سواء ولا يوجد شيء اسمه سقر ؟قلت : لن أندم عليها لأنها لم تأخذ مني سوى دقائق في اليوم وسأعتبرها رياضة جسدية .قال : وصومك لا سيما أنت في لندن والصوم هنا يصل إلى أكثر من 18 ساعة في اليوم كحد أقصى؟قلت : سأعتبر صومي رياضة روحية فهو ترويض نفسي وروحي من الطراز الرفيع وكذلك فيه منفعة صحية كبيرة أفادتني في حياتي وإليك تقارير دولية من جهات ليست إسلامية أصلاً أكدت أن الامتناع عن الطعام لفترة فيه منفعة كبيرة للجسد .قال : هل جربت الخمر ؟قلت : لم أذق طعمه أبداً ولن افعل .قال مستغرباً : أبداً !قلت : أبداً .قال : وماذا تقول عن حرمانك لنفسك في هذه الحياة من لذة الخمر ومتعته ومتعة جلوسه بعد أن تكتشف صدق فرضيتي؟قلت : أكون قد منعت وحصنت نفسي من ضرر الخمر الذي هو أكثر من نفعه ،فكم من مريض بسبب الخمور وكم من مدمر لبيته وعائلته من آثار الخمور ،وأنظر أيضاً الى التقارير الدولية من جهات غير إسلامية تحذر من آثار الخمور وآثار الإدمان عليها.قال : والذهاب للحج والعمرة بعد أن تكتشف بعد الوفاة لا يوجد شيء من هذا وأن الله غير موجود أصلاً .قلت : سأسير حسب فرضيتك ووعدتك بأن أتحمل أسئلتك ،سأعتبر الذهاب إلى الحج والعمرة سفرة جميلة شعرت فيها بمتعة راقية ساهمت في غسل وتنقية الروح كما تساهم سفراتك التي قمت بها من أجل قضاء وقت جميل لطرد ضغوط العمل وقتل الروتين وساهمت في إنعاش الروح…
ظل ينظر إلى وجهي لثواني صامتاً.ثم قال : شكراً لأنك تحملتني برحابة صدر ،أسئلتي انتهت ،وأعترف لكَ بالهزيمة.قلت : ماذا تعتقد شعوري بعد أن اعترفت أنتَ بالهزيمة ؟قال : بالتأكيد أنتَ الآن سعيدٌ جداً .قلت : لا أبداً .. على العكس تماماً ،أنا حزينٌ جداً .قال مستغرباً : حزين! لماذا ؟قلت : الآن جاء دوري لأن أسألك.قال تفضل :قلت : ليست لدي أسئلة عدة مثلك ولكن هو سؤال واحدٌ فقط لا غير وبسيط جداً.قال : ما هو؟قلت : بيّنت لك بأنني لن أخسر شيئاً في حال حصلت فرضيتك أنت ،ولكن سؤالي الوحيد والبسيط ،ماذا لو عكسنا فرضيتك وأنك بعد الوفاة اكتشفت بأن الله تعالى فعلاً موجود وأن جميع المشاهد التي وصفها الله تعالى في القرآن موجودة حقاً ،ماذا أنتَ فاعلٌ حينها؟ظل ينظر إلى عيني ولم يحرك شفتيه وأطال النظر إليّ صامتاً ،وقاطعنا النادل الذي أوصل الطعام الى مائدتنا …
فقلت له : لن أطلب الإجابة الآن ،حضر الطعام ،لنأكل وعندما تكون إجابتك جاهزة من فضلك أخبرني بها ،أنهينا الطعام ولم أحصل منه على إجابة ولم أحرجه وقتها بطلب الإجابة ،غادرنا بصورة طبيعية جدا.بعد شهر اتصل بي طالباً مني اللقاء في ذات المطعم.التقينا في المطعم تصافحنا ،وإذا أرى نفسي مطوقاً بين ذراعيه واضعاً رأسه على كتفي وبدأ بالبكاء.وضعت ذراعي على ظهره وقلت له : ماذا بك يا صديقي؟قال : جئت لأشكرك ،ودعوتك إلى هنا لأقول لك جوابي بعد صراع طويل مع نفسي ،لقد رجعت إلى الصلاة بعد أن قطعتها لأكثر من عشرين عاماً.اكمل قائلا : كانت أجراس كلماتك ترن في ذهني ولم تتوقف ،لم أذق طعم النوم ،لقد أثرت بركاناً في روحي وفي نفسي وفي جسدي ،وصدقني شعرت بأنني إنسان آخر وأن روحاً جديدةً بدأت تسير في هذا الجسد مع راحة ضمير لا مثيل لها.قلت له : ربما تلك الأجراس أيقظت بصيرتك بعد أن خذلك بصرك.قال : هو ذاك تماماً ،فعلاً أيقظت بصيرتي بعد أن خذلني بصري ،شكراً لك من القلب أخي وصديقي العزيز.

error: النسخ ليس ممكناً

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button