قصة نهاية البحر
كان يا ما كان في قديم الزمان ،كانت هناك ببغاء كبيرة تقيم في قمة جبل شاهق ، وكان بمقدور هذه الببغاء أن تطير أربعة آلاف كيلو متر دفعة واحدة من دون توقف ، كانت دائمًا تقول لنفسها وهي تتملى البحر الواسع من على قمة شجرة شاهقة ، هذا البحر الواسع ، كيف هي نهايته ، أريد أن أشاهدها مرة واحدة !
وفي يوم من الأيام ، لم تستطع أن تتمالك نفسها فرفرفت بجناحيها وانطلقت في السماء الشاسعه لتكتشف نهاية البحر . ظلت تطير وتطير ، وتطير وتطير ، لكن نهاية البحر لم تظهر أبدا ، واستولى عليها تعب شديد ، فقالت في نفسها : أما من مكان أستريح فيه قليلًا ؟
راحت الببغاء تجول بعينيها هنا وهناك فوق سطح البحر ، فلمحت غصنًا من الشجر بارزًا بين الأمواج ، فقالت لنفسها : وليكن ، سأستريح هنا قليلاً! رفرفت بجناحيها وحطت فوقه ، وبينما هي كذلك تستريح ، صرخ بها صوت يقول : من هذا الذي يقف على شواربي ؟
فزعت الببغاء وطارت ، ولما تمعنت جيدًا ، أدركت أن ما ظنته غصن شجرة بارزًا ، إنما هو في الواقع شعرة من شوارب القريدس (الروبيان) الكبير الذي يسبح بقفزة واحدة ثمانية آلاف كيلو متر ، فقالت له الببغاء : أنا اسمي الببغاء وأعيش في جبل شاهق ، طرت إلى هنا لأنني أردت مشاهدة نهاية البحر، طرت وطرت ، ولكن نهاية البحر لا تظهر ولا تبين ، وشعرت بالتعب فهل تسمح لي بالاستراحة قليلاً ؟
أجابها القرديس الكبير : كلامك هذا غير معقول ! حتى أنا الذي أعيش في البحر ، لم أشاهد نهايته في حياتي ، ويستحيل أن تصلي إلى نهاية البحر لأنك ستستريحين قليلا فقط على شواربي ، هيا ، ارجعي ، ارجعي ، ارجعي .
وبعد أن استراحت الببغاء المنهكة على شوارب القرديس الكبير ، أقلعت عن فكرتها وقررت الرجوع .
آنذاك قال القرديس الكبير لنفسه : حتى هذه الببغاء التي تعيش في الجبال ، طارت إلى هنا كي تشاهد نهاية البحر ، وأنا لم لا أحاول اكتشاف نهاية البحر ، وانطلق يسبح بخفة ورشاقة ، ظل يسبح ويسبح ، ويسبح ويسبح ، ولكن نهاية البحر لا تظهر ولا تبين ، واستولى عليه التعب الشديد ، فقال لنفسه : أما من مكان هنا أستريح فيه قليلاً .
ونظر حوله هنا وهناك داخل البحر ، فلمح كهفًا كبيرًا على بعد مسافة ، فقرر الاستراحة به قليلاً ، وانسل إلى داخله بخفة وسرعة وبينما هو كذلك يستريح ، صرخ به صوت : من هذا الذي دخل فوهة أنفي ؟
فزع القرديس الكبير وخرج بقفزة واحدة ولما تمعن جيدًا ، أدرك أن ما ظنه كهفًا ، إنما هو في الواقع فوهة أنف سمكة الجادوس الكبيرة التي تسبح اثني عشر ألف كيلو مترا دفعة واحدة ودون توقف .
فقال لها القرديس الكبير : أنا اسمي القرديس الكبير ، جئت من مكان بعيد في البحر ، سبحت إلى هنا لأنني أردت مشاهدة نهاية البحر ، سبحت وسبحت ولكن لا نهاية للبحر لا تظهر ولا تبين وشعرت بالتعب ، فهل تسمحين لي بالاستراحة قليلاً ؟
فأجابته سمكة الجادوس الكبيرة : كلامك هذا غير معقول ! لأنني أنا أضخم منك ولم أشاهد نهاية البحر في حياتي ، ويستحيل أن تصل إلى نهاية البحر، لأنك ستستريح قليلاً فقط داخل أنفي هيا .. ارجع ..ارجع !
وبعد أن استراح القرديس الكبير المنهك داخل فوهة أنف سمكة الجادوس الكبيرة ، أقلع عن فكرته وأقفل راجعًا ، وهكذا يقال أن أحدًا لم يشاهد نهاية البحر حتى الآن ، وانتهت الحكاية عن ذلك .