قصة إبهام الإصبع
ذات يوم كان هناك صانع أحزمة فقير يعيش مع أطفاله السبعة وزوجته وكان بيتهم قريب من الغابة ،كان أصغرهم طفل رقيق جدًا وحساس وكان لا يتحدث كثيرًا حتى أن الناس وصفوه بالغباء . عندما ولد لم يتعدى حجمه إبهام اليد لذلك أطلقوا عليه اسم إبهام اليد ،ولكنه في الواقع كان أكثر إخوته حكمة بالرغم من أنه أقلهم حجمًا وأصغرهم عمرًا.
وكان الأب المسكين يعمل ويكدح ،ولكن للأسف ظل الأب بدون عمل لمدة طويلة ولم يعد الأب يجد ما يطعمه لأطفاله ،وفي إحدى الأمسيات جلس مع زوجته وقال لها بمنتهى الحزن أنهما يجب أن يتخلصا من الأطفال السبعة بتركهما في الغابة قبل أن يموتوا من الجوع.
رفضت الأم تلك الفكرة في البداية وصرخت في زوجها كيف نتركهم في الغابة فيأكلهم الذئب ،فقال لها أن ذلك أفضل من موتهم أمامنا من الجوع ،وكان الإبهام الطفل الصغير مستيقظ في ذلك الوقت وسمع حوار والديه ،فلم ينم وظل مستيقظا حتى الفجر.
وقبل أن يستيقظ والده تسلل الإبهام الصغير وخرج من البيت وجمع كمية كبيرة من الحصى ،ثم عاد إلى بيته ،وعندما استيقظ الأبوين أخبروا أطفالهم أن عليهم أن يذهبوا معهم إلى الغابة ليجمعوا الحطب ،وعندما توغلوا وسط الغابة ،طلب منهم والدهم أن يذهبوا بعيدًا لجمع الحطب ،وانصرف الأب والأم عائدين إلى البيت و تركوا اطفالهم في الغابة وهم يعتصرون حزنا علي تركهم.
وعند حلول المساء اجتمع الأطفال ومعهم الحطب ولكن لم يجدوا والديهم ،فلجس الأطفال يبكون ولكن الإبهام الصغير أخبرهم أن والديهم ينتظروهم في البيت وأنهم يجب أن يهدءوا ويتبعوه حتى يعودوا إلى بيتهم ،وفي ذلك الوقت كان الأبوين جالسين وهما يشعران بالحزن على ترك أبنائهم ،حينها طرق أحدهم الباب فنهض الأب ليفتح الباب ،فوجد صاحب المزرعة التي يقيمون فيها وأعطاهم صاحب المزرعة عشرة دنانير كان مدين بها لصانع الأحزمة.
فبكت الأم وقالت للأسف لن نستطيع إطعام أطفالنا الآن ،ولكن فجأة دخل الأطفال من الباب فرحين ،ففرحت الأم والأب وقاموا بشراء الطعام وأطعموا أطفالهم ،ولكن بعد عدة أيام نفذ المال ونفذ الطعام ،ففكر الأب وقال لزوجته أنه سيعيد الأطفال إلى الغابة مرة أخرى ،وسمع الإبهام الصغير حديثهم ،ولكن هذه المرة قام الأب بإغلاق الباب جيدًا.
في الصباح أعطى الأب كسرة خبز لكل طفل ،فقام الإبهام هذه المرة بتفتيت الخبز لقطع صغيرة ونثرها في الطريق ،ولكن العصافير أتت وأكلت فتات الخبز وعندما اجتمع الأطفال لم يجدوا الأب والأم ،فقال الإبهام سنعود لوحدنا للبيت مثل المرة السابقة ولكن عندما حاول ثقفي أثر الخبز لم يجد الفتات فصدم الإبهام الصغير وتاه هو و إخوته في الغابة ،ولكن الإبهام الصغير قال لهم أنهم يجب أن يسيروا معًا ويبحثوا عن مأوى لهم.
وفجأة وجدوا كوخا جميلا في الغابة فطرقوا الباب ،وفتحت لهم سيدة لطيفة ،وسألتهم ماذا يريدون ،فقال لها الإبهام الصغير أنهم تاهوا في الغابة ،فحزنت السيدة على مصابهم وقالت : يجب أن تهربوا من هنا فهذا بيت الغول وأنا زوجته وزوجي الغول يحب أكل الأطفال.
فقال لها الإبهام الصغير : ولكننا إذا بقينا في الغابة سوف تآكلنا الذئاب ،فقالت لهم حسنًا سوف أخبئكم تحت السرير حتى الصباح ووضعت لهم الطعام ،وأخذت تحدثهم عن بناتها السبع ،وفجأة سمعوا صوت الغول ،فاختبئوا تحت السرير .وعندما دخل الغول كانت زوجته قد جهزت له خروفًا للعشاء ،فقال لها : إنني أشم رائحة اللحم الطازج .
فقالت له : هذا لحم الخروف .
ولكنه قال لها : أنا أشم لحم أطفال ،وبدأ يبحث حتى وجد الأطفال تحت السرير ،وكان الأطفال خائفين كثيرًا. فقالت له زوجته : إنهم أطفال صغار ولن تشبع عند تناولهم ،ما رأيك أن نطعمهم اليوم ونلتهمهم غدًا.
وافق الغول على تلك الفكرة وطلب من زوجته أن تحضر لهم طعاما كثيرا ،ولكن الإبهام الإصبع عرف أن الغول لن ينتظر حتى الصباح ، وكان للغول سبعة بنات نائمات في غرفتهن ،وعلى سرير واحد و فوق رأس كل غولة صغيرة تاج ذهبي .
بعد أن نام الغول تسلل الإبهام واستبدل قبعات إخوته بالتيجان ووضع القبعات علي رؤوس بنات الغول الصغيرات.
بعد ذلك تسلل الغول ومعه سكين ودخل الغرفة في الظلام ،وقتل بناته السبعة لأنه اعتقد أنهم الأطفال ،ثم عاد إلى غرفته ،وكان إبهام الإصبع مستيقظ وشاهد الغول فأيقظ إخوته بهدوء وتسللوا خارج بيت الغول.
وفي الصباح دخل الغول إلى الغرفة ليأكل الأطفال ،ولكنه وجد أنه قد قتل بناته ،فشعر بالغضب الشديد ،أما زوجته الطيبة فقد جلست تبكي وتقول له ماذا فعلت ببناتنا.
خرج الغول بسرعة ليبحث عن الأطفال ،ولكن أخوهم الصغير إبهام الإصبع قادهم إلى وسط الغابة حتى وجد كهفا صغيرا وأمامه صخرة كبيرة ،فقام بإدخال إخوته داخل الكهف ووقف يراقب الغابة حتى رأي الغول قادم من بعيد يبحث عنهم ،فاختبأ مع إخوته ،ولكن الغول كان قد تعب من البحث فجلس على الصخرة ونام . وكان نوم الغول عميق ،فخرج إبهام الإصبع وأخرج إخوته من الكهف وقال لهم أن عليهم الركض بسرعة كبيرة ،وعادوا للبحث عن بيتهم وساروا طويلا إلى أن وجدوه أخيرًا ،وكانت معهم التيجان الذهبية ،فرح الأب والأم بعد أن أصابهم الندم الشديد علي ما فعلوه مع أطفالهم الصغار. فأعطى الأطفال التيجان لوالديهم فاشتروا طعامًا كثيرًا وأطعموا أهل البلدة ،وانتهى الفقر الذي مرت به هذه الأسرة حيث تعلم الأب والأم درسا ،أن الذي خلقهم لن ينساهم وسيرزقهم برزقه ..
قال تعالى : ” وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها” سورة هود الآية 6