قصة معطف وقبعة الإخفاء
كان يا ما كان في قديم الزمان كان هناك مقامر كسلان ، وذات يوم من الأيام ، خسر بلعبة واحدة كل ما لديه من نقود ، وأثناء عودته ، وهو يمشي متثاقلا ، مرّ بمعبد قديم على جانب الطريق فجلس على جذع أرزة كبيرة قرب المعبد… وراح يقول لنفسه : إنه لشيء مزعج حقًا .. لقد خسرت كل ما لدي من نقود .
ثم أخذ يتنهد بعمق ، وبينما هو كذلك ، فإذا بثمانية من الجن يهبطون أمام المعبد ، ويأخذون بالرقص ، دهش لرؤيتهم وأسرع للاختباء خلف المعبد ، حيث راح يسترق النظر إليهم بهدوء ، كانوا يرقصون بفرح وسرور ، وهم يتغنون : يا، يا ، يا ، يا ثمانية من الجن ثمانية ، ثمانية يا ، يا ، يا.
يبدو أن المشهد أعجبه وأثاره جوهم السعيد ، فقفز إليهم بسرعة من دون تفكير وأخذ يرقص معهم ويغني : وإذا انضممت إليكم سنكون تسعة … يا يا يا ، ففرحوا فرحًا شديدًا ، وتعالى رقصهم والغناء ، ولما انتهوا من كل هذا بعد قليل من الوقت ، قال له كبيرهم : تمتعنا كثيرًا ، بانضمامك إلينا ، وردا لهذا الجميل سنهديك معطفًا وقبعة للإخفاء، إذا لبستها لا أحد يستطيع أن يراك أو يرى شكلك !.
ثم قدموا له معطفًا وقبعة مهلهلين .. وما إن عاد المقامر إلى بيته ، حتى أسرع في ارتدائهما خفية وهو يحدث نفسه : هل سأكون حقًا مخفيًا !! ذهب في البداية إلى محل للخمور ، ثم دخل ولم ينتبه له أحد ، فقال في نفسه : ممتاز يبدو أن هذا حقيقي ، شكرًا لكم ، شكرًا لكم .
وأخذ يغرف من دنان الخمر وحده ويشرب ، وفعلا لم ينتبه إلى وجوده أحد ، فأخذته الحالة والغرور وعاد إلى البيت مملوء الرأس بألذ أنواع الخمور ، ومن هنا بدأ كل شيء ، إذ صار يلبس المعطف والقبعة كل يوم ، ويدور ليشرب في جميع محلات المدينة.
وإذا كان هناك شيء ما ، أي شيء ، يريده وفي أي مكان ، يأخذه بلا استئذان وبكل غرور ، وعندما يعود إلى بيته ، يخفي المعطف والقبعة في أغوار الخزانة متظاهرًا أنه لا يعرف شيئًا.
وفي يوم من الأيام وأثناء غيابه فتحت الزوجة الخزانة ، من دون قصد ، فوجدت في أغوارها معطفًا وقبعة مهلهلين فتعجبت ، وقالت : ما هذا ! ما الذي تفعله هذه الأشياء المتسخة هنا!؟. فأخرجتهما وأحرقتهما .
ولما عاد زوجها المقامر ، وفتح الخزانة ليرتدي المعطف والقبعة ، وينطلق لشرب الخمور كعادته كل يوم ، لم يجدهما فاستغرب ، وقال : عجيب ، ليسا هنا ، ليسا هنا ، يا للمصيبة .. ازدادت حيرته واستغرابه ، فسأل زوجته : ألا تعرفين أين المعطف والقبعة اللذان وضعتهما في الخزانة ؟
أجابته زوجته : نعم ، تعني تلك الأشياء المتسخة الرثة ، أخرجتهما وأحرقتهما ..
شعر المقامر بخيبة أمل لا توصف ، لكنه بقيّ مصممًا على الموضوع ، وقال لنفسه: وليكن ، لقد وجدتهما … ربما أختفى كالعادة ، إذا مرغّت جسدي برمادهما !
فتعرى تمامًا ومرغّ جسده بالرماد ، وإذا الأمر كما توقع فعلا فلم يعد مرئيا ، وهكذا انطلق بشجاعة وسرعة ، إلى محل الخمور ، ودخل المستودع دون أن يلمحه أحد ، ثم راح يعبّ ويشرب حتى ذهب عقله ، ونام نومًا عميقًا ، وعندما استيقظ وفتح عينيه ، وجد النهار قد طلع ، وبشكل لا إرادي أخذ كون من الماء وشرب منه ، فسقط بعض الماء على أصابع يده ، ثم نهض مسرعًا ليعود بيته ، فمرّ أمام المحل ، وكان صاحب المحل جالسًا على المنضدة ، فإذا به يشاهد أصابع يد الرجل تروح يمينًا وشمالاً ، دون بقية الجسم.
فاستغرب صاحب المحل ، وقال في نفسه : ما هذا ؟ إنه ظهور الإله كينتشواري !! الإله كينتشواري !! ثم جسا على ركبتيه وطأطأ الرأس إلى أن لامست الأرض وصلى على هذا الظهور ، ولما شاهد عمال المحل ذلك ، قالوا لبعضهم : لعله شيء مقدس ، ذاك الذي يصلي له معلمنا ، وجثوا جميعًا على ركبهم يصلون.