قصة الساقي والملك
يحكى أنه في قديم الزمان كان هناك ساقي إسمه عفيف ،يبيع الماء للناس وهو يتجول بجرته الطينية في الأسواق ،وقد أحبه كل الناس لحسن خلقه ولنظافته.ذات يوم سمع الملك بهذا الساقي فقال لوزيره : إذهب و أحضر لي هذا الساقي..ذهب الوزير ليبحث عنه في الأسواق إلى أن وجده وأتى به إلى الملك ،قال الملك لعفيف : من اليوم فصاعدا لا عمل لك خارج هذا القصر ،فأنت ستعمل هنا في قصري تسقي ضيوفي وتجلس بجانبي تحكي لي طرائفك التي اشتهرت بها.قال عفيف : السمع والطاعة ،عاد عفيف إلى زوجته يبشرها بالخبر السعيد . وفي اليوم التالي لبس أحسن ما عنده من الثياب وغسل جرته وقصد قصر الملك ،دخل الديوان الذي كان مليئا بالضيوف وبدأ بتوزيع الماء عليهم وكان حين ينتهي يجلس بجانب الملك ليحكي له الحكايات والطرائف المضحكة , وفي نهاية اليوم يقبض ثمن تعبه ويغادر إلى بيته.بقي الحال على ما هو عليه مدة من الزمن ،إلى أن جاء يوم شعر فيه الوزير بالغيرة من عفيف ،بسبب المكانة التي احتلها بقلب الملك ،وفي الغد حين كان الساقي عفيف عائدا إلى بيته تبعه الوزير وقال له : يا محمد إن الملك يشتكي من رائحة فمك الكريهة.
تفاجأ الساقي وسأله : وماذا أفعل حتى لا أؤذيه برائحة فمي؟
فقال الوزير : عليك أن تضع لثاما حول فمك عندما تأتي إلى القصر .
قال عفيف : حسنا سأفعل عندما أشرق الصباح وضع الساقي لثاما حول فمه وحمل جرته وأتجه إلى القصر كعادته.فاستغرب الملك منه ذلك لكنه لم يعلق عليه ،واستمر عفيف يلبس اللثام يوما عن يوم إلى أن جاء يوم وسأل الملك وزيره عن سبب وضع الساقي عفيف للثام ..فقال الوزير : أخاف يا سيدي إن أخبرتك قطعت رأسي.فقال الملك : لك مني الأمان فقل ما عندك.قال الوزير : لقد اشتكى عفيف الساقي من رائحة فمك الكريهة يا سيدي ،غضب الملك وذهب عند أمه الملكة فأخبرها بالخبر .فقالت : من سولت له نفسه قول هذا عن ابني الملك وكيف يتجرأ علينا بمثل هذا القول ،غدا يقطع رأسه ويكون عبرة لكل من سولت له نفسه الانتقاص منك.قال لها : ونعم الرأي يا أمي غدا أنفد عليه الحكم.وفي اليوم التالي ، أستدعى الملك الجلاد وقال له : من رأيته خرج من باب قصري حاملا باقة من الورد فاقطع رأسه.وحضر الساقي كعادته في الصباح وقام بتوزيع الماء وحين حانت لحظة ذهابه أعطاه الملك باقة من الورد هدية له.وعندما هم بالخروج التقى الساقي بالوزير فقال له الوزير : من أعطاك هذه الورود ؟قال عفيف : مولاي الملك.فقال له : أعطني إياها أنا أحق به منك.فأعطاه الساقي الباقة وأنصرف ,وعندما خرج الوزير رآه الجلاد حاملا لباقة الورد فقطع رأسه على الفور دون النظر إليه حتى.وفي اليوم التالي ،حضر الساقي كعادته دائما ملثما حاملا جرته وبدأ بتوزيع الماء على الحاضرين ،استغرب الملك رؤيته في القصر لظنه أنه ميت ،فقال الملك في نفسه لماذا لا أساله عن سبب وضع اللثام وهكذا أنفد فيه حكم أمي الملكة على الفور ،فنادى عليه وسأله : ما حكايتك مع هذا اللثام ؟
قال عفيف : لقد أخبرني وزيرك يا سيدي أنك تشتكي من رائحة فمي الكريهة و أمرني بوضع لثام على فمي كي لا تتأذى.سأله مرة أخرى : وباقة الورد التي أعطيتك اياها أين ذهبت بها ؟فقال عفيف : أخذها الوزير ،فقد قال أنه هو أحق بها مني.فابتسم الملك وقال حقا هو أحق بها منك…