قصة من الأفضل؟
بدأ العام الدراسي، واستقبلت المدارس الطلبة، فكانت مروة و منى في فصل واحد، وتجلسان على نفس المقعد، ولم يكن بينهما سابق معرفة.
بدت مروة في الفصل منظمة ومجتهدة.. تتجاوب مع معلميها ، وتنال إعجابهم وتشجيعهم، أما منى فكانت مستهترة و مهملة .. تتعالى على زميلاتها، و كثيرا ما تثير الشغب في الفصل، فتتعرض لتوبيخ معلميها.
اغتاظت منى من مروة، وأظهرت ضيقها منها،وتفاخرت عليها بمصروفها الكبير وأدواتها الفاخرة غالية الثمن، وأنواع الأطعمة والمشروبات التي تحضرها معها إلى المدرسة، فقد كانت من عائلة ثرية، بينما عائلة مروة متوسطة الحال. لم ترد مروة عليها، ولم تهتم بكلامها، فظنت منى أنها تحتقرها، فطلبت منها ألا تجلس بجانبها، لكن مروة رفضت أن تترك مكانها، فبدأت تضايقها وتسخر منها، لتجبرها على القيام من مكانها.
شكت مروة للمعلمة، فلامت منى على ما تفعله، وقالت لها: إن أردت ألا تجلسي معها، فانتقلي أنت واتركي مكانك، وأحسني معاملة زميلاتك وإلا عرضت نفسك للعقاب.
فقالت منى: كيف أترك مكاني و أنا أفضل منها، وأهلي أفضل من أهلها، فهي التي لا بد أن تقوم من هنا.
اغتاظت المعلمة من سوء رد منى، خاصة لما رأت مروة تبكي لتطاولها على أهلها، فأخذتهما إلى المدير، وحكت له ما حدث.
فقال لمنى: ليس لأحد على أحد فضل إلا بأخلاقه الفاضلة وحسن معاملته للآخرين، ولا بد أن تعتذري لزميلتك ومعلمتك على سوء تصرفك وردك.
رفضت منى طلب مدير المدرسة، فاتصل بوالدها، وأخبره بما فعلته، وطلب منه الحضور إلى المدرسة، فاعتذر لضيق وقته، لكنه استأذنه أن يكلمها، فأعطاها المدير الهاتف، فأخذ يوبخها، ويهددها بترك المدرسة وحبسها في البيت، إن كررت فعلتها، وأمرها أن تعتذر فورا.
نظرت منى إلى الأرض وتغير لون وجهها، واعتذرت إليهم بصوت منخفض، ثم جرت إلى فصلها باكية.
هدأت نفس مروة، ورجعت إلى الفصل، وتجنبت كل منهما الأخرى.
في يوم من الأيام فقدت منى مصروفها، واتهمت مروة بسرقته، فبكت وأقسمت أنها لم تأخذ منها شيئا، لكن منى أصرت على اتهامها، ففتشت المعلمة ملابس مروة و حقيبتها فلم تجد شيئا، ثم فتشت حقيبة منى، فوجدت المصروف بين الكتب، فأعطته لها وأخذتها إلى مدير المدرسة ففصلها أسبوعا على اتهامها زميلتها بالباطل.
أخذت منى تبكي، فرقت لها مروة وطلبت من المدير عدم فصلها، فوافق بشرط أن تعتذر إليها، لكنها تكبرت على الإعتذار، فنفذ المدير قراره.
جلست منى في البيت، فلما علم والدها ما حدث عاقبها حرمها من الذهاب إلى المدرسة نهائيا،وحبسها في البيت، فأثر ذلك عليها ومرضت. مر أكثر من أسبوع ولم ترجع منى إلى المدرسة، وعلمت إدارة المدرسة بمرضها وإصرار والدها على حرمانها من الدراسة، وانتشر الخبر فحزنت مروة و ظنت أنها السبب فيما حدث، وأرادت أن تزورها، و أخبرت معلمتها بذلك.
أثنت المعلمة على مروة، وقالت لها: أنت حقا طيبة القلب وذات خلق حسن، وسوف أسأل عن عنوانها ونذهب إليها غدا بإذن الله.
في اليوم التالي استقبلتهما والدة منى، وشكرتهما على الزيارة، لكن منى أصرت على عدم مقابلتهما رغم إلحاح الأم عليها وتأكيدها أن هذا لا يصح.
رجع الأب إلى البيت، وعلم ما حدث فاعتذر إلى المعلمة ومروة على سوء تصرف ابنته، وأجبرها على لقائهما.
ترجت مروة والد منى أن يسمح لها بالذهاب إلى المدرسة، فنظر إلى ابنته وقال لها: أرأيت كيف تحرص زميلتك عليك وأنت تسيئين معاملتها؟ فأحست بأنها كانت مخطئة، وندمت على أفعالها.
كانت مروة قد أعدت جميع الدروس التي فاتت منى، فقدمتها لها، فشكرتها وأصبحتا صديقتين.