قصة الحلم
كان يا ما كان في قديم الزمان ، كان هناك في أحد البلدان تاجران صديقان حميمان ، وكانا يسافران معا ويتاجران ، وفي مرة من المرات ، بعد أن انتهيا من العمل وجلسا يستريحان ، استغرق أحدهما في نوم عميق ، وراح الآخر ينظر إلى صاحبه ، ويتأمله بلا سبب وإذ بطائر كبير ، يطن ويخرج من فوهة أنف النائم ، وطار الطائر الشبيه بالزنبور يتجول هنا وهناك ، ثم أقفل راجعا إلى فوهة أنف النائم من الجديد …
خاطب الرجل المستيقظ نفسه ، وهو يشاهد ما يحدث ، وقال لنفسه : يا لعجائب هذه الدنيا وما أكثرها ، ثم بعد قليل ، طنّ الطائر وخرج من فوهة أنف النائم مرة أخرى فخاطب الرجل نفسه متسائلاً : إلى أين يطير هذا الطائر ياترى .
قرر أن يلحقه إلى أن وصل الطائر إلى شجرة كاميليا بيضاء قريبة ، وحطّ على أسفلها ، حيث كان هناك وكرٌ دخل فيه !. لكن مالبث أن خرج منه وعاد ليدخل من جديد ، في فوهة أنف صديقه النائم ، أخيرًا .. استيقظ النائم .
قال التاجر لصاحبه : آه يا للنوم ، لقد نمت جيدًا جدًا ، اسمع لقد رأيت للتو حلمًا جميلاً .رأيت شجرة كاميليا بيضاء ، على أسفلها وكر داخله جرة مملوءة بالنقود ،
قال الآخر : نعم ، نعم ، نعم .. معك حق إنه حلم جميل فعلاً .. أجابه بهذه الطريقة ، وهو يقول في نفسه : ربما يكون صحيحًا ، وتكون هناك تحت الأرض جرة مملوؤة بالنقود .
انتهيا من تلك المرحلة التجارية ، وأقفلا عائدين إلى قريتهما ، لكن الذي كان مستيقظًا ، لم يستطع نسيان حكاية الحلم ، وبقيت عالقة في ذهنه ، لذلك قرر أن يذهب وحده خفية إلى شجرة الكاميليا البيضاء تلك ليتحقق ويرى ، ولما وصل إلى هناك وحفر حول ذلك الوكر في أسفل الشجرة ، وجد فعلا جرة مملوءة بالنقود ، فأخرجها وعاد بها إلى القرية بصمت ، ثم فتح بنقودها محلا لبيع الخمور ، وما لبث أن أصبح غنيًا معروفًا ، استغرب صاحبه الذي رأى الحلم ، كيف صار زميله غنيا بهذه السرعة ، وراح إليه يسأله عن السبب .
فقال له هذا الأخير : ما حدث هو أننا سافرنا معا المرة الماضية للتجارة كما تعلم ، ولما جلسنا نستريح ، استغرقت في نوم عميق ، وبقيت أنا مستيقظًا أتأملك وأنت نائم وإذا بطائر زنبور كبير يخرج من فوهة أنفك ، فلاحقته إلى أن وصل إلى شجرة كاميليا بيضاء قريبة ، ودخل وكرًا موجودًا في أسفلها ، ولكن ما لبث أن خرج منها ، وعاد إلى فوهة أنفك من جديد .
ثم استيقظت أنت بعد ذلك ، وقلت لي إنك ( رأيت حلمًا جميلاً ) .. بعد عودتنا إلى القرية ، ذهبت وحدي لأحفر حول شجرة الكاميليا البيضاء تلك ، وإذا بجرة مملوءة بالنقود فعلا كانت مطمورة هناك ، هذا هو السبب ولا تظن بي السوء .
أصغى صاحب الحلم إلى هذا الكلام ، وقال له : نعم ، نعم ، أهذه هي الحكاية إذن ، يا لعجائب هذه الدنيا ما أكثرها … بالمناسبة ، هل تسمح لي أن ألقي نظرة على الجرة ؟ .. ثم أراه الجرة ..فانتبه صاحب الحلم إلى كلمة ( سبعة ) منقوشة أسفل الجرة !!.
فقال لنفسه : لابد أن هناك أيضًا ست جرار أخرى لا تزال مطمورة ، لأن كلمة من سبعة ، منقوشة وربما لها دلالتها .. وغادر متظاهرًا بأنه لم ينتبه إلى شيء ، ثم ذهب للبحث عن شجرة الكاميليا البيضاء ، ولما عثر عليها ، وحفر حول أسفلها ، وجد فعلاً ست جرار مملوءة نقودًا .. فأخرجها وعاد بها إلى القرية وأصبح أكثر غنى من صاحبه…