الأميرة و الثعبان – المكتبة الخضراء – قصص اطفال قبل النوم
فأما الثعلب فقد فهم ما تقول ، فبدأ يشرح للاميرة ، بلغة هادئة بطيئة ، ما تقصده الطيور من غنائها ويفسر لها معنى اغنيتها ، ويبين لها ان هذه الطيور ، تتحدث عن امير مسحور ، قد مسخ من قبل بتأثير السحر ، فتحول الي شكل ثعبان ، وعاش كما يعيش الثعبان ، ثم عنيت بتربيته سيدة فلاحة واتخذته مثل طفلا لها ، وتبناه زوجها ، واستمر عندهما عشر سنوات.
وقد انقضت هذه السنوات العشر ، سنة بعد اخري حتى كبر ، واحب اميرة من الاميرات ، واراد ان يتزوجها ، فرضي ابوها ، بعد ان قام له الثعبان باشياء عجيبة غريبة ، ووعده ان يزوجه ابنته ، ورضيت الاميرة ان يتزوجها هذا الثعبان ، حتى لا يقال : إن اباها اخلف وعده . فزال تأثير السحر عنه ، ورجع الي صورته الاولي ، وهى صورة انسان كما كان ، وفي اثناء وجوده بحجرتها في القصر ، قامت امها السلطانة ، بإلقاء جلده في النار ، لتتخلص من صورة الثعبان ، وشكل الثعبان ، حتى لا يلحق ابنتها اى شر ، او اذى.
سكت الثعلب ، وبكت الاميرة ، حينما عرفت ان الطيور تحكى قصة خطيبها ، وتبين ما حدث له ولها ، ورجت الثعلب ان يكمل لها بقية القصة ، التي تغنيها الطيور ، ويشرح لها ما اصاب الامير ، وهل زال هذا السحر ؟ قال الثعلب وقد ظنت امها ، ان في عملها نجاة ابنتها الاميرة ، ولكنها اساءت لها اكبر اساءة ، بحسن نية ؛ لأن الامير تحول الي طائر ابيض ، كالحمامة البيضاء ، وصار في حالة يرثي لها ، وهو الان في شدة الخطر ، ويخاف عليه من الموت .
فسألته الاميرة : ارجو ان تذكر لي ؛ لماذا هو في شدة الخطر ؟ فأجاب الثعلب : لأن والدة الاميرة قد حرقت جلد الثعبان ، فحكم علي الامير ان يمسخ ، ويتحول الي طائر ، لكى يهرب من الحجرة ، فتحول الي طائر ابيض ، ولما اراد الخروج من النافذة بقوة ، كان زجاجها مغلقا ، فكسر الزجاج ، وجرحت ذراعه جرحا بليغا ، وربما يموت من هذا الجرح ….
اصغي يا سيدتى؛ هل تسمعين صوت الطيور فوق الشجرة ؟ انه صوت محزن كل الحزن ؛ لأن الامير الان في اشد حالات الخطر ، ولكن بإخلاص خطيبته ووفائها له ، وبحثها عنه ، وتفكيرها فيه ، وهو طائر جريح مسكين ، قد عاد امير كما كان ، وعاد الي قصر ابيه ، غير انه في حالة خطرة من الجروح التي بذراعه ، وهو الان في ايامه الاخيرة ، وقد يموت من هذه الجروح .
فسألته الاميرة : الآ تستطيع ان تخبرنى ، عن وسيلة لعلاجه وشفائه من جروحه ؟ فأجاب الثعلب : هناك وسيلة واحدة فقط ، لشفائه وعلاجه ؛ وهى ان تتمكن الاميرة التي خطبها ، واراد ان يتزوجها ، واحبها ، واخلص لها الاخلاص كله ، من ان تأخذ ريشة ، من ذيل كل طائر ، من تلك الطيور الاربعة ، من تلك الطيور التي تغنى غناءا حزينا ، وتغرد تغريدا مبكيا ، فوق الشجرة ، ثم تذهب اليه بنفسها ، لتضع هذا الريش فوق جروحه ، وبهذا العلاج وحده ، يشفي الامير من مرضه ، بمشيئة الله تعالى .